تخطي الحدود

تجاوز التحديات واغتنام الفرص

لقد كان عامًا سجلت فيها تداول العديد من الإنجازات الاستثنائية والمتعددة الأوجه، رفعت من خلالها السوق مكانتها بشكل كبير في المشهد العالمي للأسواق المالية. لم يعزز ذلك صورتنا في مجتمع المستثمرين العالميين فحسب، بل وكان أيضًا إنجازًا عظيمًا للمملكة ككل يفخر به مواطنوها. تجلت أبرز التطورات والابتكارات في مجالات السوق والمنتجات والتكنولوجيا والتنظيم بالتوازي مع تطور داعم في مهارات موظفينا.

إذا ما نظرنا إلى الوراء، أمكن لنا أن نشاهد تحسنًا كبيرًا في عرض القيمة على مدار خمس سنوات، يتجلى في توسيع قاعدة المستثمرين لتضم المستثمرين المؤسسيين فضلاً عن المستثمرين الأفراد واكتساب طابع عالمي. لم تنعكس هذه النجاحات في النتائج المالية لهذا العام بعد، وذلك بسبب النفقات الإضافية التي تكبدناها والتي ستؤتي أكلها دون أدنى شك في قادم الأيام.

مرت السوق بعملية تطور سريعة على مدى سنوات عدة، فقد كان للأحداث البارزة لعام 2019م وما سبقها في العامين السابقين من أنشطة دور بارز في تمهيد الطريق نحو التحول الذي شهدناه هذا العام. حيث وضعت بعض التدابير السابقة الأساس لإنجازات هذا العام، مثل إنشاء الشركات التابعة وإطلاق السوق الموازية وتحديث نموذج الحفظ المستقل وتطبيق طريقة المزاد في الأسعار الختامية وإعلان ثلاثة مؤشرات عالمية نيتها ضم تداول إلى الأسواق الناشئة.

إنجازات السوق المالية السعودية "تداول"

كانت السنة رائعة بشكل عام، إلا أن اللحظة الفاصلة جاءت مع اقتراب العام من نهايته بإدراج شركة أرامكو تتويجًا لحوالي عامين من العمل التحضيري الشاق، ولا سيما في مجال السوق والتكنولوجيا. أظهرت الزيادة الهائلة في الحجم الحاجة إلى التجديد في البنية التحتية والأنظمة، وصولًا إلى ما بات لاحقًا أكبر اكتتاب عام يشهده التاريخ.

استكملت تداول خلال العام انضمامها إلى مؤشري الأسواق الناشئة في إم إس سي آي وإس آند بي العالميين وبانتظار استكمال الانضمام إلى مؤشر ثالث وهو مؤشر فوتسي راسل في النصف الأول من العام 2020م. كان لهذه الإنجازات أثرها الواضح في إحداث تدفق هائل في أعداد المستثمرين الأجانب المؤهلين خلال العام أدى إلى تضاعف عددهم أربع مرات تقريبًا من 500 إلى 1,800.

كما جرى أيضًا إطلاق مؤشر إم تي 30 المشترك مع إم إس سي آي، وهو مؤشر مصمم ليعكس أداء أكبر 30 سهمًا وأكثرها سيولة في السوق مستندًا إلى القيمة السوقية للأسهم الحرة وقيود تحدد الحد الأعلى للمؤشر. كانت التطورات في سوق نمو الموازية إنجازًا آخر جديرًا بالملاحظة، حيث اتخذ قرار هام في هذا المجال بالسماح بالإدراج المباشر في سوق نمو دون اكتتاب عام أولي، جعلنا روادًا بين الأسواق المالية الإقليمية في هذا الصدد، فضلًا عن تسهيل عملية الانتقال من نمو إلى السوق الرئيسية. وبذلك، تساهم سوق نمو في أهداف رؤية 2030 من خلال تسهيل نمو قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتوفر أيضًا وسيلة للمستثمرين وأصحاب رأس المال الاستثماري الذين لربما تترددوا لولاه في الاستثمار في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

لقد اتخذنا خطوات لتحفيز سوق الدين من خلال تجديد هيكل رسوم الصكوك والسندات، مما أسهم في مواكبة هياكل الأسواق المتقدمة، فضلًا عن زيادة عدد أدوات الدين والقيمة المتداولة بشكل كبير وتنويع أدوات الدين وعائدات وتواريخ الاستحقاق.

دعم الخطوط الأمامية

إلى جانب الاستعدادات لإدراج أرامكو، نفذ عدد كبير من المبادرات في مجال تكنولوجيا المعلومات والعمليات، مثل إدخال المشتقات وأنظمة المقاصة وتطوير معلومات السوق. حيث تطلب الأمر عدد كبير من التغييرات والتحسينات بشكل متزامن دون انقطاع في العمليات الجارية وضمن أطر زمنية صارمة.

استمرت برامجنا لتنمية جميع مواردنا البشرية على جميع المستويات. حيث نفذت برامج تركز على المهارات القيادية على المستويين التنفيذي والإداري لتزويدهما بالمهارات اللازمة لدفع المنظمة نحو تحقيق أهدافها وتنفيذ استراتيجياتها. كما جرى تعديل برنامج تطوير الخريجين لتوفير تدريبات تركز على أدوار وظيفية محددة وتتيح للمتدربين تطبيق المعرفة الأكاديمية التي اكتسبوها في مواقف العمل العملية.

وبالنظر إلى أدائنا المالي، فقد انخفض الربح التشغيلي بنسبة 43.3% إلى 42.1 مليون ريال سعودي نتيجة لانخفاض إجمالي الربح وزيادة المصاريف الإدارية والعمومية، علمًا أن الانخفاض في إجمالي الربح يعزى إلى الانخفاض في عمولات التداول والدخل من خدمات إيداع الأوراق المالية. ومع ذلك، حققنا زيادة تعويضية في الأرباح غير التشغيلية بنسبة 50.4% وقيمة 111.2 مليون ريال سعودي، بحيث ارتفع صافي الربح بنسبة 3.4% إلى 153.3 مليون ريال. لا بد من تفسير النتائج المالية في سياق النفقات الباهظة التي تكبدناها، سواء في مجال التكنولوجيا أو تنمية الأفراد، استعدادًا لإدراج أرامكو باعتبارها "استثمارًا" في المستقبل. حيث يمكن لنا أن نتوقع رؤية العوائد في السنوات اللاحقة مع زيادة تداول الأسهم.

نحو مستقبل مشرق

مهدت التطورات في عام 2019م الطريق لمزيد من التحسينات، وها هو عام 2020م يأتي وتبدأ معه شركة مقاصة بالعمل بكامل طاقتها كوسيط في التداول لتحقيق مزيد من الأمان للمستثمرين.

سيكون إدخال المشتقات خطوة بارزة أخرى في مسيرة السوق المالية لمواكبة الأسواق المالية المتقدمة. حيث ستطلق عقود السندات الآجلة المدفوعة لمؤشر إم تي 30 أولًا، تليها عقود وخيارات الأسهم الآجلة لتتبعها السلع في مرحلة لاحقة.

في الختام، أود أن أشكر رئيس مجلس الإدارة على توجيهها ودعمها الحكيمين وغير المحدودين. كما أود أن أشكر مجلس الإدارة على الإشراف والتوجيه، علمًا أن إنجازاتنا ما كانت لتتحقق لولا تفاني فريقنا والتزامه.

تطلب الأمر أعلى درجات الاحتراف في تنفيذ التغييرات الواسعة المطلوبة في غضون الأطر الزمنية دون أي انقطاع في سير العمل.

المهندس خالد بن عبدالله الحصان

المدير التنفيذي